الجزائر - واثق- قررت الجزائر خفض تمثيلها في القمة العربية المقبلة إلى ما دون مستوى وزير الخارجية، حيث تقرر أن يمثلها مندوب الجزائر لدى الجامعة العربية وسفيرها في القاهرة، في خطوة غير مسبوقة تعبّر عن استمرار الاستياء الجزائري، الذي عبّرت عنه الجزائر عشية القمة العربية الطارئة الأخيرة في القاهرة، من مخرجات القمم العربية وعدم فعالية الموقف العربي.
وقالت مصادر جزائرية مسؤولة لـ"العربي الجديد"، الأحد، إنّ الجزائر أبلغت أمانة الجامعة العربية والجانب العراقي المكلّف بترتيبات القمة، التي تُعقد السبت المقبل، بمشاركة مندوب الجزائر في الجامعة العربية وسفيرها في القاهرة، محمد سفيان براح، كممثل للجزائر وللرئيس عبد المجيد تبون، خلفاً لوزير الخارجية أحمد عطاف، الذي كان من المقرر أن يشارك في قمة بغداد، رفقة وزير التجارة الخارجية كمال رزيق، قبل أن يتقرر العدول عن مشاركتهما وإلغاء سفرهما إلى بغداد لـ"التزامات داخلية".
وهذه هي المرة الأولى التي تخفّض فيها الجزائر مستوى تمثيلها السياسي في القمة العربية إلى ما دون وزير الخارجية، إذ كانت جميع المشاركات السابقة، وفي مختلف الظروف، تتم بمستوى رئيس الجمهورية، أو رئيس الحكومة كما في قمة الرياض في مايو/ أيار 2023، أو بمستوى وزير الخارجية كما في قمة البحرين في مايو/ أيار 2024.
وكان المبعوث الخاص للرئيس العراقي، نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط محمد علي تميم، قد تولى في 29 إبريل/ نيسان الماضي تسليم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون دعوة رسمية لحضور القمة المقبلة لجامعة الدول العربية في بغداد، في استدراك لما اعتُبر خطأً بروتوكولياً، بعد توجيه دعوة أولى إلى الرئيس الجزائري سُلّمت من القائم بالأعمال العراقي في الجزائر إلى مدير الشؤون العربية في وزارة الخارجية نور الدين خندودي.
وتعد قمة بغداد خامس قمة عربية يتغيب عنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إذ لم يشارك في كل القمم العربية العادية والطارئة التي تلت قمة الجزائر في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بما في ذلك قمة الرياض 2023، وقمة البحرين 2024، وقمتا جدة العربية والإسلامية الطارئتان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، إضافة إلى القمة العربية الطارئة في 4 مارس/ آذار الماضي في القاهرة حول خطة إعادة إعمار قطاع غزة.
ولم تتضح بعد دوافع قرار الجزائر خفض تمثيلها في قمة بغداد، وما إذا كان ذلك في سياق التعبير السياسي عن استياء كانت قد عبّرت عنه الرئاسة الجزائرية عشية القمة الطارئة الماضية في القاهرة، احتجاجاً على ما اعتُبر انفراداً من قبل عدد من الدول العربية بترتيب مسبق لمخرجات القمة، واحتكار هذا المسار من قبل مجموعة ضيقة من الدول، أو إذا كان القرار مرتبطاً بغضب جزائري غير معلن من تصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، نهاية فبراير/ شباط الماضي في الرباط، بشأن دعم بغداد للسيادة المغربية على الصحراء.
وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى حملة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، نهاية إبريل/ نيسان الماضي، عبر وسم "تبون لا تذهب إلى العراق"، تدعو الرئيس تبون إلى عدم السفر إلى العراق للمشاركة في القمة. وتبنّى التلفزيون الجزائري الرسمي هذا الوسم، واعتبر أنه "لا يعكس رفضاً للمشاركة في القمة العربية بقدر ما يعكس التفاف الشعب حول رئيسه"، مؤكداً أن "الشعب الجزائري يكنّ مكانة خاصة للشعب العراقي"، وأن "المطالب بعدم ذهاب الرئيس تعكس حرصاً واهتماماً من الشعب بأمن وسلامة رئيس البلاد في ظل ظروف إقليمية معقّدة".
واستدعت هذه الحملة الافتراضية وقائع سابقة، تتعلق بمرض الرئيس الراحل هواري بومدين بعد زيارته إلى بغداد في سبتمبر/ أيلول 1978، والتي ظهرت أعراضه لاحقاً خلال زياراته إلى دمشق في الفترة نفسها، حيث تُثار شكوك حول تعرضه للتسميم بطريقة غامضة. كما استُحضرت واقعة إسقاط طائرة وزير الخارجية الجزائري الأسبق الصديق بن يحيى، بصاروخ عراقي عام 1982، عندما كان في مهمة وساطة بين العراق وإيران لوقف الحرب بين البلدين.