كردستان-وكالات-أعلن حزب «العمال الكردستاني»، اليوم الاثنين، حل نفسه وإنهاء أكثر من 4 عقود من حمله السلاح ضد الدولة التركية خلَّفت أكثر من 40 ألف قتيل.
وعدَّ الحزب -في بيان نقلته وكالة «فرات» للأنباء المقرَّبة منه- أنه أنجز «مهمته التاريخية» و«أوصل القضية الكردية إلى نقطة الحل عن طريق السياسة الديمقراطية».
وقالت وكالة تابعة لحزب «العمال الكردستاني»، إن العلاقات التركية الكردية بحاجة إلى «إعادة صياغة». وأضافت الوكالة أن «العمال الكردستاني» يرى أن الأحزاب السياسية الكردية ستضطلع بمسؤولياتها لتطوير الديمقراطية الكردية، وضمان تشكيل أمة كردية ديمقراطية.
من جانبه، قال متحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» بزعامة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم، إن قرار حزب «العمال الكردستاني» حل نفسه خطوة مهمة نحو «تركيا خالية من الإرهاب».
وفي منشور على منصات التواصل الاجتماعي، قال المتحدث إن عملية حل الحزب ستخضع لمراقبة ميدانية دقيقة من قبل مؤسسات الدولة. وأضاف أن التنفيذ العملي والكامل لقرار حزب «العمال الكردستاني» سيكون نقطة تحول، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.
وعقد حزب «العمال الكردستاني» مؤتمراً، في الفترة من 5 إلى 7 مايو (أيار) الحالي، في موقعين شمال العراق، وفق تقارير إعلامية. وأكد الحزب أن القرارات «التاريخية» التي جرى اتخاذها في المؤتمر سيعلَن عنها قريباً.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لحزب «العمال الكردستاني» دوران كالكان للمندوبين، في تصريحات نقلتها وكالة «فرات»: «هذه ليست النهاية؛ بل هي بداية جديدة».
ولا يُعرف حتى الآن ماذا سيكون مصير أوجلان (76 عاماً)، غير أن مسؤولاً في حزب «العدالة والتنمية» لمَّح إلى أن نظام اعتقاله «سيُخفَّف»، من دون أن يتطرَّق إلى إمكان إطلاق سراحه، حسب صحيفة «تركيا» الموالية للحكومة.
وقال هذا المسؤول: «ستُتخذ بعض التدابير الإدارية. سيُعيَّن ضابط لمساعدته في (سجن) إيمرالي. ستُخّفف ظروف الاعتقال... ستزداد كذلك وتيرة اجتماعاته مع حزب (المساواة وديمقراطية الشعوب) وعائلته».
ولفت النظر أيضاً إلى أن الزعيم الكردي الذي يحظى بتقدير كبير لدى أنصار حزبه، يخشى على حياته في حال خرج من السجن، و«يعلم أنه سيواجه مشكلة أمنية حين يخرج».
وقال حزب «العمال الكردستاني»، الاثنين، إن حلّ نفسه «يوفر أساساً قوياً للسلام الدائم والحل الديمقراطي»، داعياً البرلمان التركي «إلى لعب دوره بمسؤولية تاريخية».
وبينما كانت جهود السلام مجمدة منذ نحو عقد، أطلق معسكر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مبادرة قام حليفه الرئيسي القومي دولت بهجلي بطرحها عبر وفد من حزب «المساواة وديمقراطية الشعوب»، في أكتوبر (تشرين الأول) على أوجلان المحكوم بالسجن مدى الحياة.
ودعا بهجلي حينها أوجلان إلى نبذ العنف وحلِّ حزبه، لقاء الإفراج المبكر عنه.
ووصف إردوغان نداء أوجلان بأنه «فرصة تاريخية»، ولكنه توعَّد بمواصلة العمليات العسكرية ضد حزب «العمال الكردستاني» في حال «لم يفِ بوعوده». وفي منتصف مارس (آذار)، أكَّد حزب «العمّال الكردستاني» استحالة عقد مؤتمر لإعلان حلِّه، بسبب استمرار القصف التركي على مواقعه.
وترى مديرة برنامج تركيا في معهد الشرق الأوسط، غونول تول، أن «المحرّك الأساسي (لهذه العملية) لطالما كان رغبة إردوغان في تعزيز سلطته»، مشيرة، في تصريح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إلى أنه قد يترشح من موقع قوة في انتخابات 2028 في مواجهة معارضة منقسمة.
وتشير الباحثة إلى أن أكراد تركيا لم ينضموا إلى تظاهرات المعارضة التي نددت بتوقيف رئيس بلدية إسطنبول المعارض، أكرم إمام أوغلو، منذ 19 مارس، وهو مرشح حزب «الشعب الجمهوري» المؤيد للأكراد، للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتضيف: «يُظهر غياب المشاركة الكردية في هذا التجمع نجاح استراتيجية إردوغان القائمة على مبدأ: فَرِّق تسُد».
وتؤكد أن الرئيس التركي «لطالما سعى إلى إثارة خلاف بين الحزب المؤيد للأكراد وبقية أحزاب المعارضة، وهذا ما يحدث بالضبط».
وأعلن حزب «العمال الكردستاني» وقف إطلاق النار، في مارس الماضي، بعد دعوة تاريخية من زعيمه عبد الله أوجلان، المسجون منذ 1999، لإلقاء السلاح وحل الجماعة. ومهَّد هذا الطريق لإنهاء صراع دامَ أربعين عاماً بين المسلحين الأكراد والدولة التركية.
وأصدر أوجلان (الذي يقضي عقوبة السجن مدى الحياة) بياناً من خلال محاميه، في 27 فبراير الماضي، يدعو فيه إلى إحياء جهود السلام.
ويشن حزب «العمال الكردستاني» تمرداً ضد الدولة التركية منذ عام 1984، وتُصنفه أنقرة وواشنطن والاتحاد الأوروبي تنظيماً إرهابياً.
وقُتل أكثر من 40 ألف شخص في الصراع الذي شهد جهود سلام متقطعة على مدى سنوات؛ كان أبرزها وقف إطلاق النار بين عامَي 2013 و2015 الذي انهار في النهاية.