الكاتب : واصل الخطيب
رئيس التحرير
كل حدائق الورود ذبلت وانطفأ رحيقها مع اشتعال الحرائق المروعة في مدرسة الجرجاوي في حي الدرج وسط قطاع غزة والتي قصفها الاحتلال الاسرائيلي بصاروخ يوم امس الاثنين، مخلفا 36 شهيدا من بينهم ستة هم والدة واشقاء الطفلة "ورد جلال الشيخ خليل" التي نجت من المحرقة بأعجوبة .
هذه الطفلة التي استصرخت العالم لانقاذ لحمها الطري وروحها البريئة من لهيب الطائرات الامريكية التي تقاتل فيها اسرائيل شعبا أعزل في قطاع غزة النازف من قمة الرأس حتى أخمص القدم ، ... يا لهول المشهد ، أي كلمات تعبر عن الفاجعة التي راحت ضحيتها "أم ورد" وابنائها الخمسة فيما الوالد مازال يئن من جراحه التي اثخنت جسده والحروق التي شوت قلبه فهو يصارع الموت رغم ارادة البقاء ولا نعرف ما تخبؤه الساعات القادمة لمصيره .
"ورد" التي شوهدت وهي تصرخ وتبكي وتركض هاربة من "جهنم المستعرة" لم تهز ضمير العالم البائس ولم تحرك قلوب الزعماء الغارقين في الملذات وفي تلبية شروط الوالي المتغطرس للبقاء على كرسي الحكم . نعم هم في عالم آخر غير عالم فلسطين المكلومة الذبيحة .. هم في حالة من الثمالة الأبدية التي من غير المأمول الصحو منها حتى لو سكبت مياه البحار كلها فوق رؤوسهم . "ورد" اشعلت ببكائها وصراخها كل الحرائق في ضمائر الشعوب الحية الا ضمائرهم ، واعلنت ان الراحل الكبير توفيق زياد عندما قال "واعطي نصف عمري للذي يجعل طفلا باكيا يضحك" كان يرمي الى هذا اليوم الذي توقعه انطلاقا من معرفته الجدية والعميقة ب"شعب الله المختار" !!.
يا ايتها الضمائر الحية فلتعلني بأعلى الصوت ان شعب فلسطين يذبح بلا رحمة ويقتل أطفاله بهدف القتل فقط وليس من أجل الامن كما يكذبون . يا أيتها الشعوب الحرة آن أوان الانتفاض على حكومات الذل والعار ولتكن "ورد" هي الشرارة التي تشعل نارا لا تنطفئ في وجه من اعطوا اسرائيل صك الغفران والضوء الاخضر لارتكاب ابشع المجازر بحق اطفال ابرياء ونساء مسالمات يتم تصفيتهن على الملأ وكل ذلك لابادة الشعب الفلسطيني وافناء نسله .
يا "ورد" لقد اقتلعت من حدائق قلوبنا كل الورود المنتعشة وانت تبكين وتصرخين وتهربين من النيران التي لاحقت جسدك الغض وقد نجوت بأعجوبة من لهيب المحرقة التي اكلت لحوم 36 بريئا بينهم افراد عائلتك المغفور لها .
كيف سيكون مصير هذه الطفلة البريئة بعد ان فقدت كل افراد اسرتها حرقا أمام عينيها ولم يكن لديها أي حول أو قوة لانقاذهم من هول المحرقة سوى الصراخ والبكاء الذي ادمى القلوب واوجع الضمائر ؟
ايها السامعون عن فلسطين .. ايها الغافلون عن ذبحنا ... إستفيقوا فإن الصهيونية لا تتعايش مع احد وان كانت قد ضمنت لكم عروشا وثيرة وأبدية وإعلموا ان كل ذلك محض هراء فلا بقاء لعرش ولا بقاء لحكم مع حركة لا تؤمن الا بذاتها ولا تتعايش الا مع ذاتها " سيقاتلونكم من وراء جدر " ... نعم حتى ولو كنتم في بروج مشيدة .
لقد صدق ماركس عندما قال : اذا أردت ان تكون تافها فما عليك الا أن تدير ظهرك لهموم الآخرين .. فكيف سيكون وصفكم اذا علم ماركس "مجازا" انكم تديرون ظهوركم للمحرقة بل وتغذون نيرانها بتواطئكم مع دولة الاحتلال التي فاقت كل انظمة الاستبداد والظلم في العالم .
ان السلام الغائب عن أرض السلام لا يمكن ان يتحقق بدون الحرية . وحرية الشعب الفلسطيني تكون فقط بالانعتاق من الاحتلال الذي يمارس أبشع وأقذر اشكال الظلم والقمع والاضطهاد بحق شعب أعزل لا يملك الا إرادته باستمرار الكفاح من اجل الحصول على الحقوق المشروعة والعيش بأمن وسلام في كنف دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
ان الكرامة تساوي الحياة فحافظوا عليها حتى لا تموتوا مرتين " تشي جيفارا" مخاطبا كل المرجفين والمهزوزين والمتواطئين في العالم . فاستيقظوا لعله يتبقى لكم بعض كرامة .