الكاتب : د. إيهاب بسيسو
عزيزي الفراغ...
ما زلتُ في انتظار المزيد
من ديدانك وقوارضك
وريحك المدببة بالغبار...
هذا العالم محض خراب
لا تُصلِحه الجثث
ولا تبنيه المجازر...
هذا العالم متاهة متوحشة
منذ انهيار فضاءات الطمأنينة
إلى أشلاء...
وتحول تضاريس الأرض
إلى طبقات من جحيم...
عزيزي الفراغ...
لم يعد يزعجني صفير الطائرات
العابر بين أكوام الرماد
ولا تناسل العناكب
في تجاويف جمجمتي المهملة...
ولم تعد تؤرقني فداحة
الصمت الكوني...
ولا تردد الصبح العاجز
وراء حواجز الغيمات...
ولا عواء الفوضى المتقدة
بين حطام نافذتين...
ولا المواء الحاد
للقطط الجائعة
المتسلل مثل طعنات إضافية
في جزيئات الهواء...
جسدي قد جف
مثل جذع شجرة محترقة
ولم يعد أمامي من خيارات
سوى انتظار المزيد
من الديدان والقوارض...
علها تُتمم ما قد بدأ
من مهمات موت عالق
بين أنياب العدم...
عزيزي الفراغ
هذه ليست رسالة استغاثة
تكتبها جثة أخرى
عن صخب الإبادة...
وليست حبراً تائهاً
من رماد حريق
ما زال يواصل التمدد
في بقايا الأمكنة...
هذه شهادة شخصية
عن بلاد مهشمة
لم تجد وسادة واحدة
لرعاية الأحلام
فلجأت إلى وسائد الكناية
كي تحيا وحيدة
في فضاء جريح
من بقايا مخيلة مرتبكة
نجت مصادفة
من عبث الحريق...
عزيزي الفراغ
أنا لا أنام...
منذ تركت لموتي
حرية البقاء وحيداً
في طرقات المدينة...
وجلست مكوماً
مثل قنفذ الريبة
في بقاياي...
(أحاول ما استطعت)
أن أكون متماسكاً في الخفاء...
أنا الظل الخفي للحقيقة
الحي بين تضاريس الخراب
اللا مرئي
في حدقات التماسيح الرطبة
المطلة بحزن مزيف
من شاشات الأخبار
الشرهة لمزيد من اللحم البشري
المفتت على مدار القذائف...
عزيزي الفراغ...
تجاهل كل ما ذكرت
عن فداحة الخراب...
هل لك أن تكون جِنِيَّ أمنيات
في مصباح الوقت...
وتأتيني بعظام أمي وأبي
بعد تجريف المقبرة؟.